December-2012
لفترات وجيزة نضيع في هذه الحياة، بين طموحاتنا و الأمور الكثيرة غير
المنتهية التي نقوم بها كل يوم من أجل هذه الطموحات.
يأتي يومٌ و معه كلماته التي كثيراً ما تنبثق من مفاجئات ذلك اليوم.
تُوْضَعُ معتقداتنا المسكينة مرة أُخرى تحت سندان التجارب الحياتية الجديدة و
الأشخاص الذين يفوقونا بالحكمة و التجربة.
تتوالى أيام الشغف غَيْرَ المُدَوَّنِ و ننغرس في تفاصيل تحقيق أحلامنا أو
إقناع أنفسنا بأن حياتنا فيها أحلام سوف تتحقق، بأن لحياتنا معنىً يجب أن نحققه،
دورٌ أساسيٌ ننفرد به و يرتبط بنا بطريقة تُحيكها الحياة بأساليبها الخفية،
الفلسفية و الدرامية. لكن الحقيقة المُرة هي أن الإنسانية، الوجود الإنساني، أكبر
بكثير من نظرتنا الإنفرادية و الأنانية للحياة.
الإنسانية تحمي نفسها من الفشل المُحتمل لأفرادها بالتكرار و الاحتياط و
الغزارة فما لم تفعله أنت سيأتي غيرك القليل أو الكثير، قريباً أو بعيداً ليقوم
به. لو لم يُجَد هؤلاء العُظماء، لَوُجدَ غيرهم. مواقع الإنجازات على خريطة الزمان
اللامنتتهية ليسَ مهماً؛ فالله صبورٌ، نائمٌ بارتياح و دون اهتمام، داخل عقول
هؤلاء الذين مازالوا يؤمنون بالخرافات.
أنا خائف جداً؛ ففعلاً لا يبدوا الموتُ اختياراً و ستأتي الحياةُ بسندانها لاختبار
مكوناتي كُلُّهَا سواء كنتُ مستعداً أم لا، بدون بدون رحمة، بدون تَفَهُّم أو
تفاهم.
هل أنا عالق داخل توهماتي الخاصة بي مثلي كمثل كل هؤلاء الذين
تَمَعَّنْتُهُم أكثر من اللازم طوال حياتي ناعتاً إياهم بالضحايا؟ الزمن لا يسخرُ
مني، لكن الناس هم مصدر و موضوعُ السخرية، هم المشكلة و لولا القلة القليلة من
هؤلاء الأشخاص الذين ساهموا ببعض الأمل، لمّا كان هناك رد من أحمق يقول أن الخير
في البشر.
سلامي و أماني في الفيزياء، في الأشياء التي لا تؤمن و لا تكفر، في الأشياء
التي ستبقى حتى بعد أن يموت الإله، من المَلَلِ.
هل تغيرت الحياة كثيراً؟ أصبحنا بلاييناً، تقدمت التكنولوجيا، تغيرت
المشاكل لكن ما زال هناك مشاكل، قد تكون تغيرت طبيعتنا الجينية قليلاً لكن الى
أين؟ ما هو التغيير الجذري الذي سيحدث في الألف سنة القادمة؟ هل سنعيش على المريخ
و تحت المحيطات؟ لم يَعُد ذلك يثيرني، إذاً أنا فعلاً مُتُّ، فعلاً لم أفشل في قتل
نفسي.
لم أعد جواداً، لم أَعُد فارساً، و لا بشّاراً و لا فراساً. ذهبت الابتسامُ
من وجهي و لم أَعُد عبداً للرحمن.
و تنتهي أيام الشغف فجأة ن كمن كان يهرول ليتفاجأ بصدمة الباب الزجاجي
المُنَّظف جيداً لدرجة الألم. ننظر الى الخلف فلا نرى شيئاً غير ذاكرةٍ مشوشةٍ و
فراغ المحاولات المُقَنَّعَة بالأمل. فنضيعُ لأن التكرارَ قاتِلٌ و الحياة القصيرة
تَقْصُر و طموحاتُنا تَعْظمُ و إيماننا يقل و أصدقائنا يغادرون و الذين تحبهم لا
يعلمون... بعْد (إضافة كلمة ’بَعْد’ هنا فيه حتى المزيد من الأمل المؤلم؛ فاحتمال
أن تصل مشاعرنا لأحد بعيد، بغض النظر عن قُربِهم).
و تتساقط الدموع، و تَسوءُ الرؤية، و نسقط على الأرض فلا نرى شيئاً غير تلك
الأوراق التي نحاول إلتقاطها و نحن نمسح الدموع و نكتشف حياتنا :انها لم تكن لنا،
يظهر تاريخنا من بين الأنقاض و الفوضى في تلك الأوراق المهترئة تحت السرير.
ثم تلتقطنا الكلمات كما تلتقط الألعاب عقول اأطفال مهما علا و أشتد بكاؤهم،
أو كما يلتقط الأحباءُ أحبائَهم، و نَجِدُ مرة أخرى أن الوقتَ ليس فارغٌ من
وجودنا، فقد وجدنا دليلاً، و نكتشف مرة أُخرى أن متاعب الحياة لم توقفنا من قبل و
أن سندان الحياة ليس سوى القليل من البرد و ننهض مرة أُخرى بشغف و تتوالى الأيام.
No comments:
Post a Comment