Monday, July 23, 2012

نقاش و أسئلة

دعوت إثنين من أصدقائي ذي التفكير العميق لنتناقش في أمور تهمنا لنطوِّر قدرتنا على فهمها و على الدفاع عنها فكرياً و بالعمل. أريد مشاركة مجتمعي بهذه الجلسة الشبابية التي تبدو من بعيد على أنها جلسة جدال أو كلام فاضي أخرى، و لكنها في الحقيقة حوار عن هَمِّ الشباب العربي عن حال بلاده و الأمة التي ينتمي إليها و طموحاته المستقبلية. هدفنا أن نتقابل مرة أخرى و نبني على ما تعلمناه عن الموضوع و عن أنفسنا كمناقشين للموضوع.
لم يكن هناك إختلاف عن صُغْرِ نسبة أفراد المجتمع المحفزين للإنتاجية، المُلهَمين، الذين يبحثونَ بجدية كلّ يوم عن معنى الحياة و عن عمق فكري و تجارب تُطَوِّرَهُم (ليس كلاماً يدعو للإحباط لوجود الكثيرين من المنتجين العرب الذين سيحملون مجتمعاتهم للنمو و الإزدهار، لكن هناك مشاكل منها الصعوبات التي يواجهها المفكرين  المنتجين في المسير مع مجتمعاتهم نحو القمة نظراً لقلة نسبة أفراد المجتمع الذين يساهمون بأقدار لها إعتبار).
الاختلاف كان حول ماهية المُحَرِّك للتَطُّور و كيفية بناءُه. أولاً، ما هي أهمية توجيه خطابات حقيقية لإثارة نفوس الناس نحو العمل و الإنتاجية التي تعود بمحصلتها إلى نتائج ترفع من قدر المجتمع كُله، نفسياً، اجتماعيا، علمياً ثقافياً و اقتصادياً و في كافة الأبعاد التي تَهُمُّنَا؟ أن ندرك أهمية النَظر إلى التَطَوُّر من منظور مُحصلة إنتاجية الأفراد هو ما يتبين لنا من القياس التالي: عندما يضيع يوم شخص واحد و يكون حال الشخص مماثلاً لحال مئة آخرين فإن خسارة المجتمع من الوقت هي أكثر من ثلاثة أشهر. و لذلك نقول أن سنوات تضيع كلَّ يوم على مجتمعنا. هذه العلاقة فِعْلِيَّة إلى حد يتجاوز اعتقادات الكثيرين. مجتمعنا يتألّفُ منا جميعاً و يحتاج إلينا جميعاً أقوياء و مُنْتِجِين. ما هو حال خطاب القيادة التي تقود الشعب و هل هي مُلهِمة و مُحركة؟ ثانياً، ما هي أهمية مُرُور المجتمع في حالة من الدمار و الإنهيار و الهزيمة لكي يَتَجدّد و يَنْهَض نحو التطور؟ كانت حجة أحدنا مثال اليابان التي ضُرِبت بقنابل نووية، و ألمانيا التي خَسرت الحرب العالمية الثانية، فهذان مثالان على تطور و نهوض بعد صعوبات ضخمة و أوضاع جعلت شعوبها تدرك بالمؤكد أنّ حالها سيء جداً و أنها مُسَحت و تدمرت. هل هذا ما يلزمنا؟ كيف نُنشيء أزمة، أزمة فكرية، إذا كان هذا ما يلزمنا؟ كانت ملاحظة زميلي الآخر المضادة هي أن شعبنا يعلم أن حاله سيء و للأسف أصبحت عادة أن نكونَ سلبيين في الحديث لدرجة استمتاعنا بانتقاد الحكومة و موظفيها، الشعب، و أنفسنا دون أي ذرة من الموضوعية أو الهدف، و نقوم بذلك الى درجة الاحباط و تعويد أنفسنا مع مفهوم الفشل.
بذلك، عُدْنَا الى موضوع توجيه خطابات الى الشعب فهي قد تكون بنوعان، ثالثهما مزيج بينهما (أدع للقاريء التعمق في التفكير بخصوص الطرق المتعددة الخِطابية و غيرها لتحفييز الجماهير). النوع الأول خطاب قاسي لتوعية الشعب بمشاكله الكبيرة و الكثيرة و بالوضع الفكري السيء الذي يعيش فيه و خطورة عدم التصرف الجاد نحو حل لهذا الأمر، و النوع الثاني أسلوب إالهامي و تحفيزي لجعل الشعب يُدْرِك قدرته على تحقيق حياة أفضل، واقع يكون فيه الشعب القادر منتجاً، طموحاً و قوياً قادراً على مواجهة تحدياته بفعالية.
لدقائق طويلة تخيفني من إنهيار الحوار نتشتت بين نقاشات لا أرى في نهايتها مُلَخَّص آخذه معي. قد يكون وجود الدقائق تلك ناتجاً طبيعياً لندرة حديثنا في هذه الأمور أو جزء طبيعي من أي حوار. أنتظر الفرصة بفارغ الصبر و بدون استسلام حتى يعود الحوار الى مستواه المفيد.
غرض كتابتي لهذا هو مشاركتي أفراد مجتمعنا نقاشاً صغيراً مدته حوالي النصف ساعة للتذمير أن الشباب العربي لم ينفك بالتفكير بحاله و لم تنطفيء طموحاته كما يبدو من بعيد؛ فالضباب يعيق الرؤية و يجعلنا نعتقد أن لا أحد يأبه بوضع ثقافتنا، علمنا، تفكيرنا و  طموحنا و غيرها من أبعاد تكويننا كمجتمع و أفراد. أذكر أن كل تلك هي فقط محصلة وجودها في كل فرد منا و الضمير "نا" لا يعني أن جميعنا بطموح واحد و تفكير واحد و إنما أن كلنا لدينا طموحه و تفكيره الفردي الخاص و المجتمع هو محصلة نجاحاتنا المنفصلة.

3 comments:

  1. أكثر من رائعة
    و معبرة جداً

    ReplyDelete
  2. نقاش كان جميل رغم خروجنا عنه بكثير من الاوقات،
    فلنجلس لنتحاور مرّة اخرى ..

    رائع يا مازن ..

    ReplyDelete
  3. شكراً اصدقائي! أسف لعدم الرد السريع. محمد، أنا تخرجت لكني ما زلت بالاردن. لنرى ما سيحدث إن جلسنا مرة أخرى

    ReplyDelete